الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
يعني يدخلون العماد تحت بطون الزرعى [....].قال الشاعر:
{يُنبِتُ لَكُمْ}. قرأه العامّة بالياء يعني: ينبت لكم، وقرأ عاصم برواية المفضل وحماد ويحيى بالنون، والأوّل الاختيار.{بِهِ} بالماء الذي أنزل {الزرع والزيتون والنخيل والأعناب وَمِن كُلِّ الثمرات إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.{وَسَخَّرَ لَكُمُ اليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مُسَخَّرَاتٌ} قرأه العامّة بالنصب نسقًا على ماقبله.وروى حفص عن عاصم، {والنجوم مُسَخَّرَاتٌ} بالرفع على الخبر والإبتداء، وقرأ ابن عامر: {والشمس والقمر والنجوم مُسَخَّرَاتٌ} كلها بالرفع على الإبتداء والخبر.{بِأَمْرِهِ} بأذنه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمَا ذَرَأَ} يعني وسخّر ما ذرأ {لَكُمُ} أي خلق لأجلكم من الدواب والأشجار والثمار وغيرها {فِي الأرض مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} نصب على الحال.{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}.{وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} يعني السمك {وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً} يعني اللؤلؤ والمرجان.روى حماد بن يحيى عن إسماعيل بن عبد الملك قال: جاء رجل إلى ابن جعفر قال: في حليّ النساء صدقة؟ قال: لا، هي كما قال الله: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.{تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفلك مَوَاخِرَ فِيهِ}.قال ابن عبّاس: جواري.سعيد بن جبير: معترضة. قتادة ومقاتل: تذهب وتجي مقبلة ومدبرة بريح واحدة.الحسن: مواقر.عكرمة والفراء والأخفش: شقاق يشق الماء بجناحيها.مجاهد: يمخر السفن الرياح ولا يمخر الريح من السفن إلاّ الملك العظيم.أبو عبيدة: سوابح.وأصل المخرّ الدفع والشق، ومنه مخر الأرض، ويقال: امتخرت الريح وتمخّرتها، إذا نظرت من أين مبعوثها، وفي الحديث: «إذا أراد أحدكم البول فليمتخر الريح» أي لينظر من أين مخرها وهبوبها فيستدبرها حتّى لا يرد عليه البول.{وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} يعني التجارة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} يعني لئلاّ تميد بكم، أي تتحرك وتميل، والميل: هو الاضطراب والتكفّؤ، ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر: ميد.قال وهب: لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتمور، فقالت الملائكة: إن هذه غير مقرّة أحدًا على ظهرها، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال ولم تدر الملائكة ممّ خلقت الجبال.وقال علي {رضي الله عنه}: لما خلق الله الأرض رفضت وقالت: أي رب أتجعل عليَّ بني آدم يعملون عليَّ الخطيئة ويلقون عليّ الخبث، فأرسى الله فيها من الجبال ماترون ومالا ترون.{وَأَنْهَارًا} يعني وجعل فيها أنهارًا {وَسُبُلًا} طرقًا مختلفة {لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} {وَعَلامَاتٍ} فلا تضلون ولا تتحيرون، يعني معالم الطرق.وقال بعضهم: هاهنا تم الكلام ثمّ ابتدأ.{وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ}.قال محمّد بن كعب القرظي والكلبي: أراد بالعلامات الجبال، فالجبال علامات النهار والنجوم علامات الليل.وقال مجاهد وإبراهيم: أراد بهما جميعًا النجوم، فمنها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون به.قال السدي: يعني بالثريا وبنات نعش والفرقدين والجدي فيهتدون إلى الطرق والقبلة.قتادة: إنما خلق الله النجوم لثلاث أشياء: لتكون زينة للسماء، وعلامات للطريق ورجومًا للشياطين. فمن قال غير هذا فقد قال برأيه وتكلّف ما لا علم به.{أَفَمَن يَخْلُقُ} يعني الله تعالى: {كَمَن لاَّ يَخْلُقُ} يعني الأصنام {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} نظيرها قوله تعالى: {هذا خَلْقُ الله فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الذين مِن دُونِهِ} [لقمان: 11]، وقوله عزّ وجلّ: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض} [فاطر: 40].{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الله لَغَفُورٌ} لما كان منكم من تقصير شكر نعمه {رَّحِيمٌ} بكم حيث وسّع عليكم نعمه ولم يقطعها منكم بتقصيركم ومعاصيكم. {والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}.{والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله}.قرأه العامّة بالتاء، لأن ما قبله كلّه خطاب.وقرأ يعقوب وعاصم وسهل بالياء.{لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ثمّ وصف الأوثان فقال: {أَمْواتٌ} أي هي أموات {غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ} يعني الأصنام {أَيَّانَ} متى {يُبْعَثُونَ} عَبّر عنها كما عبّر عن الآدميين وقد مضت هذه المسألة، وقيل: ومايدري الكفّار عبدة الأوثان متى يبعثون.{إلهكم إله وَاحِدٌ فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} جاحدة غير عارفة {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} متعظّمون {لاَ جَرَمَ} حقًا {أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين}.{وإذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأولين} يعني إذا قيل لهؤلاء الذين لايؤمنون بالآخرة وهم مشركوا قريش الذين اقتسموا عقاب مكة وأبوابهم، سألهم الحجاج والوفد أيام الموسم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما أنزل عليه قالوا: {أَسَاطِيرُ الأولين} أحاديثهم وأباطيلهم.{لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ} ذنوب أنفسهم التي هم عليها مقيمون {وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فيصدونهم عن الإيمان {أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} ألا ساء الوزر الذي يحملون، نظيرها قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} [العنكبوت: 13]. الآية.قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيّما داع دعا إلى ضلاله فاتُّبع، فإن عليه مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء، وأيّما داع دعا إلى هدى فاتّبع، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء».{قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ} وهو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل ولزم منها الصعود إلى السماء ينظر ويزعم إلى إله إبراهيم، وقد مضت هذه القصة.قال ابن عبّاس ووهب: كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراعًا.وقال كعب ومقاتل: كان طوله فرسخين فهبّت ريح وألقت رأسها في البحر وخرّ عليهم الباقي وانفكت بيوتهم وأحدث نمرود، ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانًا فلذلك سميت بابل، وإنما كان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وذلك قوله تعالى: {فَأَتَى الله بُنْيَانَهُمْ مِّنَ القواعد} أي قصد تخريب بنيانهم من أصولها فأتاها أمر الله وهو الريح التي خرّبتها {فَخَرَّ} فسقط {عَلَيْهِمُ السقف} يعني أعلى البيوت، {مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} من مأمنهم {ثُمَّ يَوْمَ القيامة يُخْزِيهِمْ} يذلّهم بالعذاب. {وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الذين كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} تحالفون فيهم لاينقذونكم فيدفعوا عنكم العذاب.وقرأ العامّة على فتح النون من قوله: {تُشَاقُّونَ} إلاّ نافع فإنه كسرها على الإضافة {قَالَ الذين أُوتُواْ العلم} وهم المؤمنون {إِنَّ الخزي اليوم والسواء} العذاب {الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة} يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} بالكفر نصب على الحال، أي في حال كفرهم {فَأَلْقَوُاْ السلم} أي استسلموا وانقادوا وقالوا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سواء} شرك، فقالت لهم الملائكة: {بلى إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.قال عكرمة: عَنى بذلك من قتل من قريش وأهل مكة ببدر وقد أُخرج إليها كرهًا.{فادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين} عن الإيمان. اهـ.
|